وتجلّت نقطة القوَّة الوحيدة في إلتزام الدول المانحة بدعم لبنان شريطة تطبيق برنامج الإصلاح المعدّ من قبل صندوق النقد الدولي.
في المقابل، إختصرت وكالة موديز التحدّيات القائمة كالتالي: التعرّض الآخذ بالإرتفاع لأزمة إقتصاديّة وماليّة وإجتماعيّة حادّة كما وضعف المؤسّسات ونظام الحوكمة (وهو ما يوخّر الدعم الخارجي) وإندثار القوّة الشرائيّة جرّاء التراجع الكبير في سعر الصرف والإرتفاع الملحوظ في مستويات التضخّم.
وقد ذكرت وكالة موديز أنّ أيّ تحسين في تصنيف لبنان يعتمد على تطبيق إصلاحات جوهريّة على مدى سنوات عدّة من جهّة كما وحصول تقدّم ملحوظ في ديناميكيّة الدين (كالنموّ الإقتصادي ومستويات الفوائد وإيرادات الخصخصة والقدرة على تسجيل فوائض أولّية كبيرة) من جهّة أخرى وذلك لضمان إستدامة الدين في المستقبل. إلّا أنّ الوكالة أشارت إلى أنّها لا ترتقب أي تحسّن في تصنيف لبنان في المدى القريب.
وبحسب التقرير، لم يتمكّن المجلس النيابي اللبناني من إنتخاب رئيس جمهوريّة جديد منذ بدء الفراغ الرئاسي في أوّل تشرين الثاني 2022 كما ولم ينجح بتشكيل حكومة جديدة منذ إتمام الإنتخابات النيابيّة الأخيرة في شهر أيّار 2022. دائماً في الإطار عينه، فقد لفت التقرير إلى أنّه بالرغم من إقتراب نهاية ولاية حاكم المصرف المركزي (آخر شهر تمّوز 2023) فلم يتم تعيين حاكم جديد حتّى الآن.
وقد علّقت وكالة موديز على تقرير مشاورات المادّة الرابعة التي أجراها صندوق النقد الدولي مع لبنان والذي أشار إلى إنكماش الإقتصاد اللبناني بنسبة 40% منذ العام 2018 وتدهور العملة المحليّة بنسبة 98% وتخطّي نسبة التضخّم مستويات الـ 100%.
كما ولفتت موديز إلى أنّ تقرير صندوق النقد الدولي قد إقترح خطّة إصلاح ينخفض بموجبها مستوى الدين من الناتج المحلّي الإجمالي من ما فوق ال200% حاليّاً إلى 80% في العام 2027.
من منظارٍ آخر، يجدر التوضيح أنّ التصنيف الذي تمنحه وكالة موديز يأتي بناءً على نتائج مسجَّلة على أربع مستويات، ألا وهي: القوّة الإقتصاديّة، قوّة المؤسّسات والحوكمة، القوّة الماليّة، والتعرّض لمخاطر الأحداث.
وقد سجّل لبنان نتيجة "caa2" في معيار القوّة الإقتصاديّة نظراً للإنكماش الإقتصادي الكبير وتراجع مستويات الدخل ما دفع ب80% و36% من المواطنين إلى ما دون خطّ الفقر وخطّ الفقر المدقع بالتتالي.
في السياق عينه، أشار التقرير إلى أنّه من ناحية إيجابيّة، فقد ساهمت تحويلات المغتربين بدعم مستويات الدخل. كما وأشار التقرير إلى الكلف الكبيرة للتعديل الإقتصادي نحو نموذج نمو جديد وأكثر إستدامة.
وقد ذكر التقرير أنّ القدرة التنافسیّة وقدرة النموّ الإقتصادي في لبنان قد تراجعتا منذ إندلاع ثورات الربيع العربي في العام 2011، والتي نتج عنها تباطؤ شديد في الحركة السياحيّة، وتقلُّص جذري في الحركة التجاريّة، وزيادة الأعباء على البلاد مع تدفُّق النازحين السوريين إليها والذين أصبحوا يشكّلون نسبة 25% من إجمالي عدد السكّان.
بالنسبة للقوّة المؤسّساتيّة، سجّل لبنان نتيجة "ca"، ما يعكس الضعف في بيئة الحوكمة وذلك في ظلّ ضعف فعاليّة السياسة الماليّة للدولة تماشياً مع محدوديّة فعاليّة السياسات النقديّة والماليّة وذاك عند أخذ الضغوط الإقتصاديّة والخارجية بعين الإعتبار.
كما ويعكس هذا التصنيف تخلّف لبنان عن دفع سندات اليوروبوندز. أمّا على صعيد القوّة الماليّة، فقد نال لبنان نتيجة "ca"، وهي نتيجة تعكس دين الدولة الكبير الذي قد يتسبّب بخسائر كبيرة للدائنين في حال تعثّرت الدولة عن الدفع.
وبحسب وكالة موديز فإنّ مسار الدين يبقى عرضة بشكل كبير لديناميّات نموّ وتضخّم وإحتياطات عملة أجنبيّة معاكسة وهو ما يشير إلى إمكانيّة تسجيل خسائر إضافيّة في ظلّ غياب خطّة إعادة هيكلة تزامناً مع دعم صندوق النقد الدولي والإنتقال إلى نظام نموّ مستدام.
أخيراً، حصل لبنان على نتيجة "ca" في معيار التعرُّض لمخاطر الأحداث، نظراً لمخاطر السيولة والتعرّض الخارجي الكبير كما وتعرّض القطاع المصرفي الكبير للدين السيادي.