كتب باسل الخطيب
تصاعدت وتيرة القرارات القضائية التي باتت تصدر بين الحين والآخر، في العامين المنصرمين بعد منع مصارف لبنان المودعين من سحب اموالهم، وكان آخرها، قرار بمنع 6 مصارف هي عودة وSGBL، وبلوم وميد وبيروت والاعتماد المصرفي، من نقل وتحويل امولهم خارج لبنان بناء على دعوى قضائية.
-
مناشدة من محامي جمعية المصارف
وردّ محامي جمعية المصارف أكرم عازوري عبر كتاب مفتوح إلى النائب العام التمييزي، ناشده فيه وقف تنفيذ القرار، لأن القانون لا يمنح النائب العام الاستئنافي، صلاحية الحد من حرية شحن الأموال النقدية من قبل المصارف والشركات المرخص لها، وأنه تدبير سيساهم في زيادة تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية تجاه الدولار.
وأعلنت جمعية المصارف في بيان رسمي امس، ان القرار يحرم المصارف الستة، من تغذية حساباتها وتنفيذ التزاماتها، لدى المصارف المراسِلة، ويؤدي الى اقفال حساباتها ومنع الاستيراد ويحرم الزبائن من تحقيق اغراضهم التجارية والشخصية.
وقد قفز سعر صرف الدولار في السوق الموازية الى 23800 ليرة لبنانية اليوم السبت، إرتفاعاً من 20500 ليرة لبنانية قبل أسبوعين.
وقال رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص في حديث لموقع "بزنس إيكوز" إن هذه القرارات، تأتي في ظل فراغ، تعيشه البلاد على صعيد عدم نضوج خطة حكومية انقاذية واضحة المعالم، من شأنها أن تعيد الثقة والطمأنينة، على الأقل جزئياً الى المودعين في المصارف.
ولفت مرقص الى أن هذا الأمر حدا بالمودعين، إما الى أخذ الحق باليد، عبر الدخول عنوة الى المصارف، او عبر تكثيف الدعاوى القانونية، وحماسة عدد من القضاة في النيابة العامة وفي دائرة التنفيذ، لإتخاذ إجراءات بوجه هذه المصارف.
وقال مرقص إن الحلّ يقتضي أن يكون على المستوى الاقتصادي والنقدي، وليس على المستوى القضائي الذي لا يحقِّق المساواة بين المودعين، ولا يعالج الأزمة المصرفية.
-
المطلوب إجراءات تعيد الثقة
فالأزمة المصرفية بحسب مرقص، تتطلّب إجراءات حكومية وتشريعات وإصلاحات، تعيد الثقة بالقطاع المصرفي، وإن أي قرارات قضائية جزئية أو متفرّقة أو فردية، من شأنها وإن كانت خلفيتها حميدة، أن تؤدي الى مزيد من البلبة، لاسيما على صعيد المصارف الدولية المراسِلة، والهيئات الرقابية الخارجية.
-
مخاوف الهيئات الرقابية الخارجية
والقلق يبرِّره مرقص هنا أن هذه الجهات الخارجية من مصارف وهيئات، بدأت تسأل عما يحدث بالنسبة لهذه المصارف، مما يؤدي الى الإضرار بالمودعين.
وعبّر مرقص عن خوفه من الحاق الضرر بالمودعين، بدليل ان أحد المصارف قد بادر الى وقف خدماته، كما ذهب القطاع برمّته الى إضراب دام يومين.
ويختم الدكتور مرقص هنا أن ليس من أفق أو حل عبر المعالجة القضائية، إنما عبر المعالجة الاقتصادية والمالية والنقدية، دون ان يمنع ذلك من قيام الجهاز القضائي المركزي، في الدولة اللبنانية، ممثلاً بالنيابة العامة التمييزية او المالية في بيروت، بإجراء تحقيقات وملاحقات، على أن تكون شاملة ومعيارية وهادفة، وأن تعود بصدىً إيجابي على مستوى مخاطر السمعة للبلاد، كي تدعِّم الساحة المالية والمصرفية مجدداً، وتعيد اليها الزخم والثقة، التي لا تعود عبر إجراءات قضائية فردية أو متفرقة أو جزئية أو مناطقية.
-
إفلاس وتدمير القطاع المصرفي؟
من جهته يتساءل رئيس الاتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين MIDEL، الدكتور فؤاد زمكحل في حديث لموقع "بزنس إيكوز"، عما اذا كانت الغاية من القرارات القضائية، افلاس المصارف والإطاحة بها، فسيؤدي ذلك الى تدمير القطاع المصرفي وما تبقى من الثقة، ووقف المصارف المراسِلة تعاملها مع لبنان.
ويضيف إنه في حال تم الاستمرار بهذه التصرفات ووصلنا الى افلاس المصارف، فلن يؤدي ذلك الى استرجاع اموال المودعين، لأن كل أصول المصارف إذا جُمِعَت وبيعت بالمزاد او عبر طرق أخرى، سيستغرق الأمر بين 5 و 10 سنوات، ولن يتم استرجاع اكثر من 15 في المئة من اموال المودعين في اقصى الحالات.
اما اذا كان الهدف من الدعاوى والقرارات القضائية بحسب زمكحل، إسترجاع اموال المودعين، فإن الأمر لا يحصل هكذا بل بإعادة استقطاب اموال جديدة تدخل في القطاع المصرفي وفي السوق المحلية.
-
تهديد تحويلات بـ 8 مليارات دولار
ويرى ان استقطاب اموال جديدة يتطلّب ثقة بالمصارف وبالبلاد، لا أن يتم تجميد هذه الاموال ومنع اصحابها من التصرف بها او تحويلها، والا يتم القضاء على كل التحويلات الواردة من الخارج، والمقدّرة بما بين 8 و 10 مليارات دولار امريكي، لطالما ساهمت بصمود السوق المحلية ودعم كثير من المواطنين.
ويأسف زمكحل الى أن تلك القرارات القضائية المتّخذة أخيراً، تأتي بعكس هذه الاستراتيجية، ولا تساعد في استرجاع اموال المودعين في مصارف لبنان بل تستمر في إستراتيجة تدمير القطاع المصرفي وفقدان الثقة بالاقتصاد اللبناني.
نذكركم انه بات بإمكانكم متابعة صفحة موقع Business Echoes على إنستغرام من خلال الضغط هنا والتي سيكون محتواها مختلفاً عن المحتوى الذي ننشره على صفحة فايسبوك.