والواقع الذي تمر به المؤسسة كان موضوع الحديث الذي أجراه موقع "Business Echoes" مع رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للإسكان في لبنان المهندس روني لحود، الذي كشف أن 85 الف عائلة لبنانية، تمكنت من شراء منازل عبر المؤسسة منذ عام 2000 وحتى عام 2018، تاريخ إيقاف مصرف لبنان لجميع القروض السكنية في البلاد، مشيراً إلى أنّ المؤسسة حذّرت في حينه من أن هذا الإجراء، سيؤدي إلى احتقان اجتماعي واسع، سيُحدث شللاً في الدورة الاقتصادية، فقطاع العقارات يحرّك قرابة الـ 65 قطاعاً، من البناء والمفروشات والأدوات الكهربائية وصولاً إلى الرسوم الجمركية، علماً أن قرار وقف القروض السكنية في لبنان، انعكس انخفاضاً في نسبة الزواج في البلاد في عام 2018.
ويوضح لحود أن الأزمة الاقتصادية والمصرفية التي اجتاحت لبنان منذ نهاية 2019، إلى جانب الانهيار الحاد لسعر الصرف، وانفجار مرفأ بيروت في 2020، وجائحة كورونا، شكلت جميعها عوامل ضغط كبيرة على المؤسسة العامة للإسكان، ولكن الضغوط الأشد جاءت مع سعي الـ85 ألف عائلة تملّكت منازلها عبر المؤسسة، لتسديد قروضها وإغلاقها، نظراً لانخفاض قيمتها بشكل حاد نتيجة انهيار العملة اللبنانية.
فالمواطن الذي اقترض بالليرة اللبنانية أصبح قادراً على تسديد قرضه بسهولة، في حين كانت المؤسسة تمر بظروف تقنية صعبة، نتيجة الوضع العام المتردي في لبنان، في ظل غياب الكهرباء وتناقص عدد الموظفين وإغلاقات جائحة كورونا، لافتاً إلى أن الوضع داخل المؤسسة أصبح أفضل اليوم، خصوصاً لناحية تأمين الكهرباء بما يضمن انتظام سير العمل، إلا أنه يبقى هناك مشكلة النقص الحاد في أعداد الموظفين، حيث كان من المفترض أن يعمل في المؤسسة نحو 160 موظفاً، في حين أن عدد الموظفين الموجودين في المؤسسة حالياً لا يتجاوز الـ 30 شخصاً وهذا العدد غير كاف لتلبية طلبات الـ 85 ألف مقترض دفعة واحدة.
ويكشف رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للإسكان في لبنان روني لحود في حديثه لموقع "Business Echoes" أن الدولة اللبنانية أوقفت التوظيف في القطاع العام منذ عام 2017، مشيراً إلى أن المؤسسة ستضطر للاستعانة بموظفين جدد بعد إخضاعهم للامتحانات اللازمة في مجلس الخدمة المدنية، ومن ثم الحصول على موافقة مجلس الوزراء على توظيفهم، وذلك لتعويض النقص الحاد في عدد الموظفين الحاليين الذين لا يكفون لتلبية احتياجات المؤسسة.
وبحسب لحود، فقد أنجزت المؤسسة ملفات نحو 32 ألف مقترض بشكل نهائي حتى اليوم، بينما لا يزال هناك حوالي 53 ألف معاملة قيد الإنجاز، حيث سيكون استكمال هذه المعاملات أمراً صعباً جداً، حتى يتم تأمين موظفين جدد، داعياً المقترضين الذين لم تنته معاملاتهم بعد، إلى عدم اللجوء لأي مُعقّب معاملات، فلا يوجد أي مُعقّب معاملات رسمي في المؤسسة، وأي شخص يدعي العكس يجب تقديم شكوى ضده فوراً.
وشدد لحود على أن جميع المعاملات سيتم انجازها بالتسلسل وفقاً للدور، ما عدا الحالات القاهرة أو المرضية، حيث يمكن لهؤلاء الأشخاص مراجعة المؤسسة كل يوم أربعاء من الساعة 9 صباحاً وحتى 12 ظهراً دون موعد مسبق، وذلك بعد إثبات حالتهم، لتسهيل وتسريع معالجة ملفاتهم، كاشفاً أنه تم تقديم مشروع قانون إلى المجلس النيابي يسمح لأي مواطن، إذا رغب، بدفع مبلغ 100 مليون ليرة لبنانية بشكل اختياري، يشمل تسديد قيمة القرض والرسوم المستحقة عليه، ليحصل على براءة ذمة بسرعة. وأوضح أن إقرار هذا القانون سيُسرّع إنجاز المعاملات ويُسهّل تسوية الملفات بشكل أسرع.
ويلفت لحود إلى أن المؤسسة العامة للإسكان تعمل على إعداد خطة إسكانية شاملة، تهدف إلى توسيع نشاط المؤسسة وتعزيز دورها، لتشمل ليس فقط القروض السكنية، بل أيضاً الإيجارات والإيجار التملكي، بالإضافة إلى تنظيم الإيجارات القديمة، وتهدف الخطة إلى تأمين حق السكن اللائق للمواطنين وفق شروط وضوابط تحفظ حقوق جميع الأطراف، مشيراً إلى أن وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيّد حريصة جداً على إنجاز هذه الخطة في أسرع وقت ممكن، حيث من المقرر عقد خلوة موسعة في شهر ديسمبر/كانون الأوّل لاستعراض الأفكار وإضافتها إلى الخطة، على أن تُعرض على مجلس الوزراء في يناير/كانون الثاني 2026، وفي حال تم اقرارها يتم تحويلها إلى مجلس النواب لإقرارها أيضاً بعد إجراء التعديلات اللازمة عليها.
ومن جهة الحصول على تمويل لإعادة إطلاق القروض السكنية، يوضح لحود لموقع "Business Echoes" أن الاقراض السكني يحتاج إلى موارد مالية كبيرة، ولذلك، تقدمت المؤسسة العامة للإسكان بطلبات إلى عدة دول عربية وأجنبية للحصول على قروض خارجية بفوائد منخفضة، وهو عامل جوهري يُسهم في تمكين المواطنين من تملك المنازل بتكلفة معقولة ومن دون دفع أعباء فائدة مرتفعة.
وشدد لحود على أنه حالياً لا يمكن تقديم أي وعود للمواطنين، إذ لم يتم توقيع أي اتفاق رسمي مع أي جهة أجنبية لتمويل القروض الإسكانية. ومع ذلك، فإن الأجواء المتوقعة لعام 2026 تبدو إيجابية، وعند حدوث تطورات رسمية سيتم الإعلان عنها فوراً، مؤكداً أن وزيرة الشؤون الاجتماعية تبذل كل جهودها لمتابعة هذا الملف بنشاط.