افتتاح المرحلة الأولى من أعمال تأهيل حرش بيروت ضمن برنامج ENABLE المموّل من الاتحاد الأوروبي يشكّل محطة أساسية في تحويل الحديقة إلى مركز نابض بالحياة، مستدام، ومتاح للجميع.
بيروت (أخبار منظمة العمل الدولية) – تم اليوم افتتاح الأجزاء التي أُنشئت أو أُعيد تأهيلها في حرش بيروت، أكبر مساحة خضراء في العاصمة اللبنانية، وذلك بعد الانتهاء من المرحلة الأولى من أعمال التأهيل ضمن برنامج "ENABLE" المموّل من الاتحاد الأوروبي والمنفّذ من قبل منظمة العمل الدولية (ILO) بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية وبلدية بيروت، وبالتنسيق الوثيق والشراكة مع المنظمات المحلية "نحن" و"أركانسيال". وتشكل هذه المبادرة محطة أساسية في مسار تحويل الحديقة إلى مساحة عامة شاملة، مستدامة وحيوية للجميع.
أقيم حفل الافتتاح بحضور وزيرة الشؤون الاجتماعية الدكتورة حنين السيد، والمدير الإقليمي لمنظمة العمل الدولية للدول العربية الدكتورة ربا جرادات، وممثل وزير العمل السيد حسين محيدلة، ومحافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود، ونائب رئيس قسم التعاون في بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، السيد سيريل دوالين، ورئيس بلدية بيروت الأستاذ ابراهيم زيدان إضافة إلى كبار ممثلي بلدية بيروت وأعضاء من المجتمع المحلي.
شملت أعمال التأهيل إنشاء مسار دراجات هوائية بطول 1.7 كيلومتر، تحسينات في حديقة التزلج (Skatepark)، وترميم المرافق الصحية العامة. وتهدف هذه الأعمال إلى جعل حرش بيروت نموذجًا رائدًا لإعادة تأهيل المساحات العامة بطريقة شاملة، مستدامة وتشاركية، تعزز التماسك الاجتماعي، وتوفّر فرص عمل لائقة، وتدعم الوعي البيئي.
أكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية الدكتورة حنين السيد على" إنَّ أهميّةَ هذا المشروعِ لا تَكمُنُ فقط في إعادةِ تأهيلِ متنزَّهٍ، بل في الرسالةِ التي يحملُها: أنَّ بيروتَ تَستحقُّ استعادةَ مساحاتِها العامّةِ، وأنَّ اللبنانيّينَ جميعًا يَحقُّ لهم التلاقي في فضاءٍ آمنٍ، شاملٍ، وصديقٍ للبيئةِ. ومن هنا تأتي أهميّةُ أن يكونَ الحرشُ مُهيَّأً للجميعِ، مع مُراعاةِ معاييرِ الوصولِ للأشخاصِ ذوي الإعاقةِ وكبارِ السنِّ والأطفالِ، ليُجسّدَ فعلًا قيمَ العدالةِ والمساواةِ. كما أضافت "إنَّ عملَنا يَرتكزُ على ربطِ المستفيدينَ من برامجِ الحمايةِ الاجتماعيّةِ بسوقِ العملِ، حتّى يَنتقلوا من المساعداتِ الآنيّةِ إلى فُرَصِ عملٍ مستدامةٍ، وصولًا إلى هدفِنا: صِفرِ فَقرٍ. ولتعزيزِ هذا التوجّهِ، أنشأنا وحدةَ إحالةٍ للإدماجِ الاقتصاديِّ، لربطِ القطاعِ الخاصِّ الذي يُوفّرُ الوظائفَ بالأشخاصِ الباحثينَ عن عملٍ من المستفيدينَ في برنامجِ “أمانَ” والمُسجَّلينَ في بياناتِ السِّجلِ الاجتماعيِّ “دَعمٍ”."
وشددت المدير الإقليمي الدكتورة ربا جرادات على أهمية هذا الإنجاز قائلة: “يشكل دعمنا لإعادة تأهيل حرش بيروت رمزا قويا لالتزامنا تجاه تعافي لبنان. لقد حسّن المشروع بشكل كبير المتنفس الأكبر لسكان بيروت من مختلف الفئات، وفتح أبوابه لأنشطة رياضية وترفيهية إضافية. ولم يقم المشروع بإعادة تأهيل مرافق هذه المساحة العامة فحسب، بل منح مئتي شاب وشابة كانوا على هامش سوق العمل فرص حقيقية للحصول على عمل لائق. وسنواصل هذه المسيرة عبر إنشاء مدرج جديد ومكتبة ومساحة خضراء، وفي الأشهر المقبلة، سنقدم الدعم لأكثر من 400 شخص إضافي ممن يتلقون اليوم مساعدات اجتماعية، لتمكينهم من استعادة قدرتهم والانطلاق في مسارات تقودهم نحو العمل المنتج."
من جهته، أشار المحافظ مروان عبود " واجه حرش بيروت خلال السنوات الماضية تحديات كبيرة تمثلت بالضغوط على بنيته التحتية، محاولات التعدي والحرائق، وشح الموارد المالية. ورغم ذلك، تمكّنا من الحفاظ عليه كمساحة خضراء لأهالي العاصمة. واليوم، وبفضل دعم منظمة العمل الدولية، ننطلق بمرحلة جديدة من التأهيل تشمل تحسين المرافق، إنشاء مسار للدراجات، تعزيز الإنارة والحراسة، وزيادة المساحات المزروعة. هدفنا أن يبقى الحرش رمزًا بيئيًا وحاضنًا لأبناء بيروت، وأن تمتد المساحات الخضراء إلى مختلف شوارع وأحياء المدينة، لتصبح بيروت أكثر جمالًا وازدهارًا."
في حين جدد ممثل الاتحاد الأوروبي سيريل دوالين التزام الاتحاد قائلاً:"بالنسبة للاتحاد الأوروبي، الاستثمار في المساحات العامة مثل هذه الحديقة ليس رفاهية بل ضرورة. فمدينة صحية، شاملة ونابضة بالحياة تحتاج إلى أماكن يلتقي فيها الناس ويتواصلون ويشعرون بأنهم جزء من المجتمع الحضري. كما أن المساحات الخضراء تجعل المدن أكثر قدرة على مواجهة تغيّر المناخ وأكثر قابلية للعيش للجميع."
تخلّل الحفل جولة ميدانية للضيوف على المسار الجديد المخصّص للدراجات الهوائية، مع محطات عند حديقة التزلج المطوّرة والمرافق الصحية المُرمَّمة. وقد أظهرت الجولة ليس فقط التحسينات المادية، بل أيضًا إمكانات الحديقة كمركز للترفيه الشامل والحياة المجتمعية.
واستكمل الحفل بأنشطة حيوية صُممت لإحياء الحديقة: عروض رياضية شاملة قادها الشباب والمدرّبون، جولة جماعية بالدراجات كتعبير عن الملكية المشتركة للمساحة. كما شاركت محطات توعية بيئية حول إعادة التدوير والممارسات الصديقة للبيئة، مؤكدة التزام البرنامج بالاستدامة. وقد ساهمت هذه الأنشطة في إشراك الأطفال والشباب والأسر والأشخاص ذوي الإعاقة، بما يعكس تحوّل حرش بيروت إلى مساحة عامة آمنة، متاحة ونابضة بالحياة للجميع.
لم يكن الحفل مناسبة للاحتفال بإنجاز المرحلة الأولى من تدخلات برنامج "ENABLE" فحسب، بل شكّل أيضًا منصّة لانطلاق سلسلة من الأنشطة المقبلة للبرنامج، بما في ذلك جلسات أسبوعية لركوب الدراجات والتزلج على الألواح والأنشطة الثقافية، إضافة إلى مشاريع جديدة مرتقبة في حرش بيروت. وستواصل هذه المبادرات تعزيز دور الحديقة كمساحة عامة آمنة، شاملة ومستدامة تخدم المجتمع بأسره.