أبقت وكالة التصنيف الدوليّة موديز تصنيف لبنان السيادي عند "C" محافظةً على النظرة المستقبليّة المستقرّة علماً بأنّ هذا التصنيف يعكس إحتماليّة كبيرة بأن تتخطّى خسائر حاملي سندات اليوروبوندز نسبة الـ 65%. وبحسب وكالة موديز، وبعد مرور خمس سنوات على الجمود السياسي في البلاد الذي تلى تعثّر الدولة في آذار 2020، تمّ إنتخاب رئيس جديد للجمهوريّة وتعيين حكومة جديدة في بداية العام 2025 الأمر الذي مهّد الطريق لتشريع قوانين أساسيّة منها تعديل قانون السريّة المصرفيّة وسنّ قانون إعادة هيكلة المصارف، مع العلم أنّ الحكومة تعمل على إنهاء قانون الفجوة الماليّة.
وسوف تسمح هذه القوانين بحسب الوكالة بتطبيق إعادة هيكلة شاملة لدين القطاع العامّ ومصرف لبنان والمصارف التجاريّة نظراً لترابطها الوثيق ببعضها البعض، علماً أنّ إعادة الهيكلة قد تُعيد إستدامة الدين والذي يعتبر شرط أساسي لتحرير المساعدات الماليّة من صندوق النقد الدولي. وقد أشار التقرير إلى أنّ لبنان يعاني من تحديّات إقتصاديّة وماليّة وإجتماعيّة جامّة والتي تفاقمت بسبب المخاطر الجيوسياسيّة بالرغم من تطبيق إتّفاقيّة وقف إطلاق النار.
أمّا بالنسبة للنظرة المستقبليّة، فقد علّقت وكالة موديز أنّه من المرجّح أن يبقى تصنيف لبنان على حاله لحين تطبيق إعادة هيكلة الدين نظراً لحجم التحدّيات الماكروإقتصاديّة والماليّة والإجتماعيّة. أضافت وكالة موديز أنّ سقف تصنيف العملة المحليّة بقي مستقراً عند "Ca" ما يعكس حجم المخاطر المحليّة والجيوسياسيّة. وقد أشارت وكالة موديز أيضاً إلى أنّ سقف تصنيف العملة الأجنبيّة قد بقي مستقرّاً عند "Ca" أيضاً ما يعكس دولرة الإقتصاد اللبناني في ظلّ الحظورات على نقل وتحويل العملات الأجنبيّة والتي من المتوقّع أن تبقى لحين تطبيق إعادة هيكلة شاملة للدين. وقد علّقت الوكالة أنّه نظراً إلى توفّر الأطر القانونيّة، فهي تتوقّع أن يتمّ الإعلان عن إعادة الهيكلة في وقتٍ قريب ومن المرجّح بعد الإنتخابات البرلمانيّة في شهر أيّار 2026.
من منظارٍ آخر، علّقت وكالة موديز أنّ التدهور الحادّ للعملة المحليّة ومستويات التضخّم العالية التي نتجت بعد فكّ ربط سعر صرف الليرة بالدولار الأميركي قد نجم عنه تراجع كبير في قيمة الدين بالليرة في حين أنّ الدين بالعملات الأجنبيّة (Eurobonds) والبالغة قيمته 31 مليار د.أ. قد سجّل تراكم للفوائد ليصبح 42 مليار د.أ. (127% من الناتج المحلّي الإجمالي في العام 2025). في هذا الإطار، قدّرت وكالة التصنيف نسبة الدين الإجمالي عند 148% من الناتج المحلّي الإجمالي في العام 2025 (مقابل 163.8% في العام 2024) مشيرةً إلى أنّ الدين بالعملة الأجنبيّة يشكّل 98% منه. وقد ذكرت وكالة موديز أنّها تتوقّع أن تبقى مستويات الدين في العام 2026 قريبة من مستوى العام 2025 في حال لم تتمّ إعادة هيكلة الدين. في إطارٍ متّصل، توقّعت وكالة موديز أن يسجّل الإقتصاد اللبناني نموّ حقيقي نسبته 2.5% في العام 2025 و3.5% في العام 2026 (مقارنةً بإنكماش إقتصادي بلغت نسبته 7.5% في العام 2024) في حال إستمرّ إتّفاق وقف إطلاق النار.
وقد كشفت وكالة موديز أنّه من غير المرجّح أن يتحسّن تصنيف لبنان السيادي من "C" قبل أن تتمّ إعادة هيكلة الدين نظراً إلى التحديّات المذكورة آنفاً وتوقّعات الوكالة بتسجيل خسائر كبيرة. بالإضافة إلى ذلك، أشارت الوكالة أنّ أيّ تحسّن في تصنيف لبنان السيادي بعد إتمام عمليّة إعادة هيكلة الدين مربوطاً بسرعة تطبيق الإصلاحات الماليّة والمؤسساتيّة وقدرة الحكومة على تحقيق إيرادات وقدرة الإقتصاد على التأقلم مع نموذج نموّ جديد. وقد أضافت الوكالة أنّ أيّ تحسّن في العوامل الرئيسيّة المتعلّقة بديناميكيّة الدين كالنموّ الإقتصادي ومعدّلات الفوائد وتسجيل فوائض ماليّة كبيرة بشكلٍ يضمن إستدامة الدين في المستقبل (والذي من شأنه أن يخفّف من خطر إعادة التعثّر) قد يساهم بتحسين تصنيف لبنان السيادي أيضاً.
المصدر: وحدة الأبحاث الاقتصادية في بنك الاعتماد اللبناني