وأسهمت الهدنة في تعزيز شهية المستثمرين للمخاطرة، ما دفعهم للتخلي عن حيازة الذهب كملاذ آمن، ليتراجع المعدن الأصفر دون مستوى 3200 دولار للأوقية، رغم الدعم الذي تلقاه من بيانات أظهرت استقطاب صناديقه المتداولة في الصين تدفقات شهرية قياسية في أبريل/نيسان، بلغت 65 طناً.
ورغم بوادر انفراج العلاقات التجارية مع الصين، حذّر نائب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي "فيليب جيفرسون" من أن التداعيات السلبية المحتملة للرسوم الجمركية لا زالت قائمة، وقد تتسبب في تباطؤ نمو اقتصاد الولايات المتحدة، وتسارع التضخم.
في المقابل، بعث مصرف "جيه بي مورجان" برسالة طمأنة للأسواق، خفّض فيها توقعاته لركود الاقتصاد الأميركي إلى أقل من 50% بدلاً من 60%، لكنه أشار إلى أن هذه التوقعات مشروطة ببقاء الرسوم الجمركية عند مستوياتها الجديدة.
أما في الصين، فبدأت تداعيات الحرب التجارية تنعكس على أرض الواقع، إذ تراجعت القروض الجديدة التي قدمتها المصارف إلى 280 مليار يوان في أبريل/نيسان، مقارنة بـ 3.64 تريليون يوان في مارس/آذار. ولكن ترامب أعرب عن تفاؤله بالتوصل لاتفاق مع الصين، مؤكداً على متانة العلاقات الثنائية بين البلدين.
من جانبها، حذرت "هاباج لويد" الألمانية من التداعيات المزدوجة للحرب التجارية واستمرار اضطراب حركة الملاحة بالبحر الأحمر على سوق شحن الحاويات هذا العام.
لم يكن سوق العملات المشفرة بمعزل عن موجة التفاؤل بالهدنة، إذ حافظت البيتكوين على تداولها أعلى مستوى 103 آلاف دولار، بعدما تعرضت لموجة هبوط حادة في مطلع أبريل/نيسان عقب إعلان ترامب عن "رسوم يوم التحرير".
وفي سياق متصل، واصلت حكومة السلفادور تعزيز حيازتها من العملات المشفرة، واشترت 6 عملات بيتكوين خلال أسبوع، رغم اتفاقها مع صندوق النقد الدولي على الامتناع عن استخدام الأموال العامة لهذا الغرض.
بعيداً عن الأجندة التجارية للإدارة الأميركية الحالية، أدت سياسات ترامب الرامية لتقليص المساعدات الخارجية والدعم المالي للمؤسسات الدولية، إلى تسريح منظمة الصحة العالمية نصف موظفيها الإداريين بسبب انسحاب الولايات المتحدة، وعدم سداد واشنطن التزاماتها التمويلية السنوية.
وفيما يتعلق بالحرب الدائرة في شرق القارة العجوز، صدّق الاتحاد الأوروبي على الحزمة السابعة عشرة من العقوبات على روسيا منذ غزوها أوكرانيا في فبراير/شباط من عام 2022، ولوّح بتوقيع حزمة جديدة حال تمسكت موسكو برفضها وقفاً غير مشروط لإطلاق النار لمدة 30 يوماً اقترحته أميركا.
وفي الصين، لا تزال أعمال آبل تواجه رياحاً معاكسة جراء ضعف المبيعات وإنفاق المستهلكين في ثاني أكبر اقتصادات العالم، ما دفع منصات التجارة الإلكترونية الصينية لتقديم خصومات كبيرة على أسعار جوالات "آيفون 16".
على صعيد آخر، ارتفعت مخزونات النفط في الولايات المتحدة على غير المتوقع في الأسبوع الماضي، ما أثار مخاوف تجاه ضعف الطلب الأميركي على الذهب الأسود، ورغم انحسار مخاطر الركود، أبقت منظمة "أوبك" على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط للعامين الحالي والمقبل.
ويبدو أن سياسات ترامب الحمائية بدأت تؤتي ثمارها في أحد الجوانب، ألا وهو إعادة توطين الصناعات داخل أراضي الولايات المتحدة، إذ تواصل الشركات الدولية إعادة توجيه استثماراتها نحو السوق الأمريكية.
حيث تعتزم صانعة الأدوية الفرنسية "سانوفي" استثمار 20 مليار دولار على الأقل في أعمالها بالسوق الأميركية حتى عام 2030، وأعلنت "كرافت هاينز" عن ضخ 3 مليارات دولار في عمليات تحديث مصانعها بالولايات المتحدة لزيادة كفاءتها، ما يساعد على تعويض آثار الرسوم الجمركية.
ورغم هذه الجهود والمبادرات، يبقى تعقيد سلاسل التوريد، وتفاوت تكاليف الإنتاج حول العالم، عائقاً أمام كثير من الشركات التي تجد صعوبة في التخلي عن مراكزها التصنيعية خارج الولايات المتحدة.
المصدر: أرقام