في هذا الإطار، كان لموقع ""ليبانون ديبايت" حديث مع خبير في قطاع الإتصالات للإستفسار عن الواقع الفعلي في ظلّ المستجدّات.
وشرح الخبير أنّ سلسلة إضرابات موظفي أوجيرو المتكرّرة بدأت منذ حوالي السنة. ولكنّ الإضراب الأخير كان الأكثر خطورة على الإطلاق، حيث صعّد الموظفون بشكل غير مسبوق، وثبتوا على موقفهم لحوالي أسبوعين كاملين، دون أن تفلح أي من محاولات ثنيهم عن قرارهم تحت ذريعة الأمن القومي والإقتصادي - الإجتماعي، وكما والطلب منهم أخذ المواقف بمسؤولية وحكمة لأن لبنان مهدد بالإنقطاع عن العالم...
وبحسب الخبير، فإن هذا الإضراب كان له نتائج كارثيّة على الإقتصاد، عل الرغم من أحقية مطالب الموظفين، بحيث يستحيل فعلاً اليوم على موظّف يتقاضى راتبا بسيطا بالليرة اللبنانية، تأمين حاجاته المعيشيّة والحياتية الضرورية في ظل الأزمة الإقتصاديّة.
وأضاف الخبير أنّ, "تصعيد موظفي أوجيرو ساهم بشكل مباشر في توسيع سوق الإنترنت غير الشرعي، وأعادنا بالذاكرة وبشكل واضح إلى بدايات نشوء قطاع الكهرباء غير الشرعي عبر المولّدات الخاصة في التسعينيات كما وهدّد هذا الواقع بالوصول إلى المحظور، الذي من الممكن أن يقضي على ما تبقى من قطاع عام ومن شركات شرعيّة في القطاع الخاص في آن وبحسب هذا الخبير، يمكن تعداد نتائج وخيمة عدة للإضراب:
أوّلاً، "مع توقف سنترالات أوجيرو تباعاً في المناطق، ارتفع الطلب بمستويات كثيفة على خدمة الإنترنت المؤمّنة من القطاع غير الشرعي، الذي يضمّ حسب التقديرات ما بين الـ 750 والـ 850 ألف مشترك، ما يحرم خزينة الدولة من ملايين الدولارات يوميّاً. ويشرح الخبير أسباب عدم تأثّر السوق الأسود باضرابات أوجيرو، لافتاً إلى أن السوق غير الشرعي لديه شبكاته وإمداداته الخاصة به في الأحياء، وهو لا يتّكل على "أوجيرو". وبالتالي خدماته تتأثّر فقط في حال طرأ أي عطل على التغذية الدولية".
ثانياً، "إضراب موظّفي أوجيرو الأخير ورفضهم تصليح الأعطال لأسبوعين كان لديه نتيجتين، تكتيكية واستراتيجيّة. أوّلاً، كلّما تعطلت إحدى السنترالات في منطقة ما، انقطع الإنترنت عنها تماماً عبر أوجيرو وعبر الشركات الشرعيّة المرخّصة أي خدمة DSL والفايبر، في حين أنه لم ينقطع عبر الشركات غير المرخّصة أما الخطر الثاني والأكبر، أو الخطر الاستراتيجي، فهو أن هناك سنترالات كبيرة وأساسيّة في لبنان تصل إليها التغذية الدولية وتوقفها عن العمل يعني انقطاع الانترنت كلياً في لبنان، إن كان شرعيا أو غير شرعي".
ثالثاً، الخطر الإقتصادي من المعلوم أنّ القسم الأكبر من أعمال واتصالات الشركات اللبنانية تتم عبر الإنترنت، لا سيما من يتعامل منها مع مورّدين وزبائن في الخارج وبالتالي، فإنّ توقف الإنترنت وضع هذه الشركات أمام خطر إقتصادي شديد. وفي السياق، اعطى مثالا واقعيا عن إحدى شركات مراكز الاتصال التي يعمل لديها أكثر من 300 موظّف والتي وقّعت سابقاً عقود عمل مع العديد من الزبائن خارج لبنان في أوروبا ودول الخليج العربي بعض هؤلاء الزبائن قطعوا علاقتهم معها، مما سبّب لها خسائر مادية فادحة بمئات ألوف الدولارات. إذا، الخطر الإقتصادي يهدّد الشركات والقطاع الخاص الذي ينازع منذ ثلاث السنوات بهدف الصمود وضمان الإستمرارية والمساهمة في إدخال العملات الصعبة إلى البلد".
رابعًا، "الخطر على إدارات الدولة وعلى عمل إجهزتها كافة، لا سيما العسكرية والأمنية وكان للاضراب الاخير نتائج كارثية على سير العمل في دوائر الدولة كافة، وهي مشلولة اصلا بفعل الأزمة عامة ولكنّ الاكثر خطورة بحسب هذا الخبير كان تعطيل عمل الأجهزة الأمنية وذكر على سبيل للمثال توقف العمل في المديرية العامة للأمن العام التي أصدرت بيانا، مؤكدا أن العديد من الاجهزة والمديريات الأمنية الأخرى شهدت كذلك تهديدا لعملها".
لذا، ونظراً إلى ما سبق وعدّده حول عيّنة عن تداعيات الإضراب الخطيرة على الإقتصاد، شدّد على وجوب التوصل سريعاً إلى حلول مستدامة لتأمين الإنترنت بطريقة موثوقة إلى لبنان. وشدد ان الحلول المتاحة عديدة منها مثلا السماح بالخيارات البديلة مثل ستارلنك وغيرها ؛ وتفعيل شبكات الألياف الضوئية الموجودة، وتسيير طلبات الاشتراك المتوقفة ووضع المشتركين فعليا على الشبكة ؛ وملاحقة قطاع الإتصالات غير الشّرعيّ وإخضاعه للضرائب؛ كما وتحفيز القطاع الشرعي على الإستثمار في سبيل مكافحة القطاع غير الشرعي ؛ وحلّ هيئة "أوجيرو" وتأسيس "شركة إتّصالات لبنان"؛ وانشاء الهيئة النّاظمة لقطاع الاتّصالات مع منحها صلاحيات واضحة؛ إضافة الى تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص.