سوليكا علاء الدين
وكأن سلسلة الأزمات التي نمر بها من إنهيار في سعر صرف الليرة وتضخم للأسعار ونقص في الأدوية والسلع الغذائية وشح في المحروقات وانقطاع في الكهرباء لا تكفينا حتى أتت الضربة القاتلة وبشرنا المصرف المركزي برفع الدعم عن المحروقات وبتأمين فتح الإعتمادات اللازمة لها شرط احتساب سعر الدولار على الليرة اللبنانية وفقاً لسعر الصرف في السوق السوداء، تاركاً حرية تحديد الأسعار الجديدة لوزارة الطاقة.
صحيح أن الجميع كان يترقب هذه الخطوة، إلا أن الخبر نزل كالصاعقة على رؤوس اللبنانيين بعد أن ضاق صدر المعنيين الذين لم يسعهم الإنتظار حتى أواخر أيلول كي يطلقوا حكم الإعدام عليهم.
اليوم وقبل انقضاء مهلة الثلاثة أشهر أسدلت الستارة على آخر فصل من فصول رفع الدعم عن المحروقات ومعه سوف ينهال وابل من الإنعكاسات الإقتصادية والإجتماعية والمعيشية الواحدة تلو الأخرى وسط أجواء ضبابية سوداوية وعجز الدولة الكلي عن إيجاد حلول جذرية للحد من خطورة ما وصلنا إليه.
قطعاً هذه المرة، ستكون العواقب وخيمة والنتائج مدمرة وكارثية لا سيما على فئات اللبنانيين الأكثر حاجة وعوزاً، إذ ستشكل تهديداً صريحاً لحياتهم وأمنهم الغذائي والإجتماعي في ظل غياب أي مساعدات تعويضية أو إجتماعية لتقديم المنح والدعم والتخفيف من وطأة المعاناة التي يعيشونها.
ولعلّ الأخطر في موضوع رفع الدعم، هو تداعياته السلبية على كافة القطاعات الحيوية خاصة المستشفيات والأفران والمصانع التي دقت ناقوس الخطر معلنةً عدم قدرتها على الإستمرار والتوقف القسري نتيجة فرض تقنين قاس للكهرباء وعجز المولدات الخاصة على التعويض ونفاذ مخزون مادة المازوت لديها وعدم قدرتها على تأمين احتياجاتها حتى في السوق السوداء لارتفاع أسعارها.
هذا وينذر رفع الدعم عن المحروقات بتزايد التفلت الأمني بعد أن تقاعست الدولة في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة أزمة شح المحروقات وظاهرة تكدس طوابير السيارات واستمرار عمليات الإحتكار والتخزين بالإضافة إلى فوضى التهريب على عينك يا تاجر من دون أي رادع.
قرار مجرم ومتعسف وجاحد ليس في حق المواطنين فقط، بل في حق وطن نهبت خيراته وسرقت أمواله وذبح شعبه... فبئس دولة ترضى بذل وإهانة أبنائها، دولة تسمح أن تنقطع مستشفياتها وأفرانها ومعاملها من الكهرباء والمازوت وأن تعرض حياة مرضاها للموت ومواطنيها للخطر، دولة تقف مكتوفة الأيدي دون أي تدخل سريع أو اتخاذ أي مبادرة أو خطوة مسبقة لتفادي وقوع الكارثة وكأن دورها يقتصر فقط على إخبارنا بها.
نحن أمام سيناريو كارثي جسيم لم تعد الأزمات فيه تحتاج إلى حلول مؤقتة وعلاجات مسكّنة، فالعلّة ازدادت ضراوة وأصبحت أكثر فتكاً، وجاء رفع الدعم النهائي عن المحروقات بمثابة إطلاق رصاصة الموت الأخيرة على كل من بقي على قيد الحياة في بلد يغرق في مستنقع أزمات لا تنتهي ويتلاعب حكامه بمصيره ويدفع فيه المواطن ثمن تقصيرهم وفسادهم ومؤامراتهم. فهل يدرك المسؤولون النائمون مدى فداحة وخطورة ما أقدموا عليه وهل يكون قرار رفع الدعم الشرارة التي تولّد الإنفجار الكبير؟
نذكركم انه بات بإمكانكم متابعة صفحة موقع Business Echoes على إنستغرام من خلال الضغط هنا والتي سيكون محتواها مختلفاً عن المحتوى الذي ننشره على صفحة فايسبوك.