ضاعت المواقف اليوم في لبنان بين مؤيد وبين معارِض لسلسلة الرتب والرواتب.
اذا اردنا ان لا نطيل بالكلام ونتفادى اللف والدوران، لا شك أن الطروحات والزيادات الضريبية الجديدة والمقترحة ليست عادلة ولا توقيتها مناسب. فتمويل السلسلة كان يجب ان يكون عبر مكافحة الهدر والفساد وتحسين الجباية والقيام بإصلاحات وتحديث للقوانين، وتحسين قطاع الكهرباء وتطوير البنية التحتية، وليس عبر ارهاق الشعب اللبناني بضرائب تضرب اوضاعه المادية المضروبة اصلاً.
من وضع هذه الضرائب ليس عادلاً ، ومن وافق عليها ليس حكيماً، ومن لم يعترض عليها، فهو مستفيدٌ من امور أخرى.
وبالمحصِّلة السياسيون ليسوا اوفياء ولا يكافحون الفساد، بل يعمّقون حفرة الاستفادة من كل زاروب ومنعطف.
لو كانت هناك شفافية وجباية صحيحة في لبنان لما احتجنا الى ضرائب لتمويل السلسلة، فالسياسيون بإمكانهم فكافحة الهدر والفساد ولكنهم لا يريدون، لأنهم يأتون الى السلطة ليتركوها أثرياء أكثر، ويحتسبون ما يحققونه كل يوم من مكتسبات وارباح وزيادات في املاكهم وثرواتهم.
الشعب اللبناني مرهق وهو بحاجة الى زيادات على رواتبه، فهو لم يحصل على سلسلة منذ نحو 20 عاماً والدولة ليست عادلة معه، لكن السلطة وأركان هذه السلطة لا يريدون تمويل الزيادة من خلال الجباية والرسوم التي يجب ان تُستوفى، بل من الضرائب التي يزيدونها على تقديم الخدمة للشعب، بحيث تترجم الزيادة على الراتب من الزيادة على الرسوم والضرائب.
وللعلم فإن الضرائب تُفرض في دول العالم لكي يتم تأمين حياة كريمة للشعب وللمتقاعدين وتأمين ابسط واجبات الدولة تجاه المواطن، وهي لا يتم تحصيلها وفرضها لتُثقِل كاهل المواطن الفقير ومتوسط الحال المضروب حالهما اصلاً.
كما ان بعض ما تُنفِقه الدولة من خلال الضرائب يجب بل من المفترض ان يُتَرجم عبر السياسات الاقتصادية كدعم سلع وقطاعات معينة أو الصرف على البنية التحتية كبناء الطرقات والسدود وهو ما ليس موجوداً في لبنان فلا طرقات آمنة ولا سدود وانقطاع مستمر في المياه والكهرباء...
وللتذكير فإن آخر مراجعة شاملة وجدية لرواتب القطاع العام حصلت منذ 19 سنة، الا انها في حال حصلت اليوم، فيجب اولاً تحييد الطبقات الفقيرة والمحدودة الدخل، عن الزيادات الضريبية لتمويل زيادات الرواتب، لان المواطن عاجز عن تحمل الاعباء المالية الاضافية، فلا المواطن يتحمّل ذلك ولا لبنان قادر على الاستمرار بهذا الوضع.
ما ذنب سائق التاكسي وسيارات الأجرة من الزيادات التي ستطرأ على اسعار المواد جميعها بسبب السلسلة؟ وما ذنب المتقاعدين؟ وما ذنب القطاع الخاص ومن يتقاضى رواتب الحد الأدنى في القطاع الخاص وهم من لن يحصلوا على زيادات في رواتبهم؟
المضحك هذا الاسبوع، تمثّل بمجموعة الأكاذيب التي سُرِّبت على مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص الزيادات على الخبز وغيره......
فإنتشرت اخبار وشائعات على الفايسبوك والتويتر والواتساب تفيد ان الضرائب ستفرض على الخبز والبنزين والأحوال الشخصية والهاتف الثابت والماء والكهرباء والرسوم البلدية.
وهناك من دعا الى التظاهر الجمعة والسبت والأحد، لرفض السلسلة على حالها.
كل هذا الحال كان يمكن تفاديه عبر مكافحة الهدر والفساد ولكن لا حياة لمن تنادي.
تحسين الجباية ووقف الفساد ( السرقة والهدر والرشوة والتهرب من الضرائب) هو الحل الوحيد
تحسين الجباية هو الحل الجذري لكن الفساد هو المنتصر.
بقلم باسل الخطيب
رئيس تحرير موقع Business Echoes لأخبار الاقتصاد والتكنولوجيا
[email protected]